اتصلت هسبريس بالشيخ عبد الباري الزمزمي على خلفية فتواه الأخيرة التي أصدرها بجواز تمتع الزوج بزوجته جنسيا وإن بعد الممات ، وأصدر الزمزمي بيانا بعنوان "الحلال المنبوذ" توصلت هسبريس بنسخة منه ، يؤكد فيه الشيخ أن ممارسة الجنس على جثة الزوجة أمر مستهجن وغير مألوف ، ولكن مع ذلك حسب رأيه فالفتوى لا تخضع للعاطفة وهذا نص البيان كاملا :
" سئلت عن الرجل يمارس الجنس على زوجته الميتة فاستغربت هذا الفعل واستهجنته وقلت لمن سألني أن هذا الفعل غير مألوف ولا مقبول ولا يليق بمن له طبع سليم ولكن مع ذلك لا أستطيع أن أحرمه برأيي وعاطفتي فالفتوى لا تصنع ولا تفبرك ولا تخضع للعاطفة والرأي الشخصي ولكنها تؤخذ من شريعة الله وفق قواعدها وشروطها.
وفي واقعة السؤال فالمرأة الميتة زوجة لزوجها، فالموت لا يقطع علاقة المرأة بزوجها فهو يرثها وله أن يقبلها بعد موتها و يغسلها غسل الميت إذا شاء وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما غسل رسول الله إلا نساؤه، تعني أنها تأسف لأن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم لم يغسلنه بعد موته، و قال علي في عائشة أنها زوجة النبي صلى الله عليه و سلم في الدنيا و الآخرة، و هذا ما نطق به القرآن الكريم إذ قال سبحانه " الذين آمنوا و كانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون" يعني أن المؤِمنين يدخلون الجنة مع أزواجهم فلا يقطع الموت علاقتهم بنسائهم، فالمرأة الميتة تظل زوجة لزوجها كما كانت زوجته في حياتها فهي حلال له حية و ميتة كما هو واضح من نص القرآن وأقوال الصحابة، وإن كان الفعل بشعا و شنيعا لا يأتيه إلا مختل الطبع مضطرب المزاج، فالموت فزع كما قال النبي صلى الله عليه و سلم، و موت الحبيب حزن و هم لا تميل النفس معه حتى للطعام و الشراب فكيف بممارسة الجنس مع الميتة، إنه حقا فعل منبوذ و ممقوت و مع ذلك لا سبيل لأحد إلى القول بتحريمه.
والقول بإباحته لا يستلزم تحسينه فليس كل مباح محمودا و مقبولا، فهذا الزواج بامرأة ثانية و ثالثة مباح للرجل و لكن النبي صلى الله عليه وسلم منع عليا أن يتزوج على فاطمة بنت النبي صلى الله عليه و سلم وقال إني أخاف أن تفتن في دينها، كما أنه صلى الله عليه و سلم أتي بضب مشوي فلم يأكل منه فقيل له أحرام هو قال لا و لكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه، فلذلك نقول إن إتيان الرجل زوجته الميتة مشروع ولكنه منبوذ غير مقبول، و هو كمن أكل لحما غير مطبوخ فإنه حلال و لكنه غير مستساغ و لا مستطاب و لا يقبله أحد.
وأختم بكلمة فاصلة في هذه المسألة فأقول إني أدليت بالدليل القاطع على الفتوى التي أصدرتها و هي أن موت المرأة لا يقطع علاقتها بزوجها كما نصت عليه الآية المذكورة في صدر هذا المقال، فمن كان له اعتراض أو لم يتقبل هذه المسألة فليسأل من شاء من أهل العلم و ليأتنا بدليل من القرآن أو السنة خاصة لا من أقوال الفقهاء ينقض ما قلته في هذه المسألة، فإن جاء بهذا الدليل فلا مانع عندي من التراجع عما قلت و الله ولي التوفيق.
عبد الباري الزمزمي